ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى المربد وَأمر بِرَفْع مَا فِيهِ من الْقُبُور وَالنَّخْل والغرقد بذل فِيهِ عشرَة دَنَانِير من النضار وَكَانَ لغلامين …
يتيمين من بني النجار ثمَّ شرع فِي بِنَاء الْمَسْجِد المؤسس على التَّقْوَى مستعينا بِأَصْحَابِهِ الموصوفين بالجد والجدوى وبناه بِاللَّبنِ وَالْحِجَارَة وكساه بنظره الْبَهْجَة والنضارة وَجعل إِلَى بَيت الْمُقَدّس قبلته وَرفع بَين الْمَسَاجِد المعمورة أثلته ورصف سقفه بِالْجَرِيدِ وحلى جيده بعقده الفريد وَفتح لَهُ ثَلَاثَة أَبْوَاب وَألبسهُ من الْبركَة أحسن الأثواب.
ثمَّ بنى إِلَى جَانِبه بُيُوتًا لَهُ وَلِنِسَائِهِ وَسكن بِهن مُقيما على إعلاء كلمة الله فِي صباحه ومسائه وَكَانَ يساعد أَصْحَابه فِي عمَارَة الْمَسْجِد وَيَقُول
هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر *** هَذَا أبر رَبنَا وأطهر
وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ مرتجز يعْمل
لَا يَسْتَوِي من يعمر المساجدا
يدأب فِيهَا قَائِما وَقَاعِدا
وَمن يرى عَن التُّرَاب حائدا