اخْرُج البُخَارِيّ من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة قَالَ اخبرني أبي قَالَ لما قتل الَّذِي ببئر مَعُونَة وَأسر عَمْرو بن امية الضمرِي قَالَ لَهُ عَامر بن الطُّفَيْل …
من هَذَا وَأَشَارَ إِلَى قَتِيل فَقَالَ لَهُ هَذَا عَامر بن فهَيْرَة فَقَالَ لقد رَأَيْته بَعْدَمَا قتل رفع إِلَى السَّمَاء حَتَّى أَنِّي لأنظر الى السَّمَاء بَينه وَبَين الارض ثمَّ وضع فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خبرهم فنعاهم فَقَالَ «إِن أصحابكم قد اصيبوا وَأَنَّهُمْ قد سَأَلُوا رَبهم» فَقَالُوا رَبنَا اخبر عَنَّا اخواننا بِمَا رَضِينَا عَنْك ورضيت عَنَّا فَأخْبرهُم عَنْهُم.
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن انس ان نَاسا جاؤوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا ابْعَثْ مَعنا رجَالًا يعلموننا الْقُرْآن وَالسّنة فَبعث إِلَيْهِم سبعين رجَالًا من الانصار يُقَال لَهُم الْقُرَّاء فتعرضوا لَهُم فَقَتَلُوهُمْ قبل ان يبلغُوا الْمَكَان قَالُوا اللَّهُمَّ بلغ عَنَّا نَبينَا إِنَّا قد لقيناك فرضينا عَنْك ورضيت عَنَّا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه «إِن اخوانكم قد قتلوا فَقَالُوا اللَّهُمَّ بلغ عَنَّا نَبينَا إِن قد لقيناك فرضينا عَنْك ورضيت عَنَّا».
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فَلم نَلْبَث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى قَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ «إِن اخوانكم لقد لقوا الْمُشْركين واقتطعوهم فَلم يبْق مِنْهُم أحد وانهم قَالُوا رَبنَا بلغ قَومنَا إِنَّا قد رَضِينَا وَرَضي عَنَّا رَبنَا فَأَنا رسولهم إِلَيْكُم إِنَّهُم قد رَضوا وَرَضي عَنْهُم».
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُصعب بن ثَابت عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة قَالَ خرج الْمُنْذر بن عَمْرو فَذكر الْقِصَّة وَقَالَ فِيهَا قَالَ عَامر بن الطُّفَيْل لعَمْرو بن أُميَّة هَل تعرف أَصْحَابك قَالَ نعم فَطَافَ فيهم يَعْنِي فِي الْقَتْلَى وَجعل يسْأَله عَن أنسابهم قَالَ هَل تفقد مِنْهُم من اُحْدُ قَالَ افقد مولى لأبي بكر يُقَال لَهُ عَامر بن فهَيْرَة قَالَ كَيفَ كَانَ فِيكُم قلت كَانَ من أفضلنا قَالَ أَلا أخْبرك خَبره طعنه هَذَا بِرُمْح ثمَّ انتزع رمحه فَذهب بِالرجلِ علوا فِي السَّمَاء حَتَّى وَالله مَا اراه وَكَانَ الَّذِي قَتله رجل من كلاب يُقَال لَهُ جَبَّار بن سلمى ذكر انه لما طعنه سَمعه يَقُول فزت وَالله قَالَ فَأتيت الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي فَأَخْبَرته بِمَا كَانَ وَأسْلمت وَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَام مَا رَأَيْت من مقتل عَامر بن فهَيْرَة وَمن رَفعه إِلَى السَّمَاء علوا.
قَالَ وَكتب الضَّحَّاك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الْمَلَائِكَة وارت جثته وَأنزل عليين.
أخرجه الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ يحْتَمل انه رفع ثمَّ وضع ثمَّ فقد بعد ذَلِك ليجتمع مَعَ رِوَايَة البُخَارِيّ السَّابِقَة عَن عُرْوَة فَإِن فِيهَا ثمَّ وضع فقد روينَا فِي مغازي مُوسَى بن عقبَة فِي هَذِه الْقِصَّة قَالَ فَقَالَ عُرْوَة لم يُوجد جَسَد عَامر فيرون ان الْمَلَائِكَة.
وارته ثمَّ اخْرُج الْبَيْهَقِيّ رِوَايَة عُرْوَة مَوْصُولَة عَن عَائِشَة بِلَفْظ لقد رَأَيْته بَعْدَمَا قتل رفع إِلَى السَّمَاء حَتَّى اني لأنظر إِلَى السَّمَاء بَينه وَبَين الأَرْض وَلم يذكر فِيهَا ثمَّ وضع فَقَوِيت الطّرق وتعددت لمواراته فِي السَّمَاء.
وَقَالَ ابْن سعد انا الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت رفع عَامر بن فهَيْرَة الى السَّمَاء فَلم تُوجد جثته يرَوْنَ أَن الْمَلَائِكَة وارته.
بَاب مَا وَقع فِي عزوة ذَات الرّقاع من الْآيَات والمعجزات
اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ عزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة قبل نجد فَلَمَّا قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدْرَكته القائلة يَوْمًا بواد كثير العضاه فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتفرق النَّاس فِي العضاه يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ وَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت سَمُرَة فعلق بهَا سَيْفه فنمنا نومَة فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُونَا فجئناه فَإِذا عِنْده أَعْرَابِي جَالس فَقَالَ إِن هَذَا اخْتَرَطَ سَيفي وَأَنا نَائِم فَاسْتَيْقَظت وَهُوَ فِي يَده صَلتا فَقَالَ لي من يمنعك مني فَقلت الله فَشَام السَّيْف وَجلسَ ثمَّ لم يُعَاقِبهُ.
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن جَابر قَالَ قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محَارب خصفة بِنَخْل فَرَأَوْا من الْمُسلمين غره فجَاء رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ عورث بن الْحَارِث حَتَّى قَامَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالسَّيْفِ فَقَالَ «من يمنعك مني» قَالَ الله فَسقط السَّيْف من يَده فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ «من يمنعك مني» قَالَ كن خير آخذ فخلى سَبيله فَأتى أَصْحَابه وَقَالَ جِئتُكُمْ من عِنْد خير النَّاس ثمَّ ذكر صَلَاة الْخَوْف.
وَأخرج ابو نعيم من وَجه ثَالِث عَن جَابر قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفر فَقَالَ تَحت شَجَرَة وعلق سَيْفه بهَا فجَاء أَعْرَابِي فسل السَّيْف فَقَامَ بِهِ على رَأسه فَقَالَ يَا مُحَمَّد من يمنعك مني فاستيقط فَقَالَ الله فَأَخذه واجف فَوضع السَّيْف وَانْطَلق.
واخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن جَابر قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ الظّهْر بِنَخْل فهم بِهِ الْمُشْركُونَ ثمَّ قَالُوا دعوهم فان لَهُم صَلَاة بعد هَذِه أحب إِلَيْهِم من أبنائهم فَنزل جبرئيل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فصلى صَلَاة الْخَوْف.
واخرجه مُسلم بِلَفْظ عزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما من جُهَيْنَة فَقَاتلُوا قتالا شَدِيدا فَلَمَّا صلى الظّهْر قَالَ الْمُشْركُونَ لَو ملنا عَلَيْهِم مَيْلَة لَاقْتَطَعْنَاهُمْ وَقَالُوا انهم سَتَأْتِيهِمْ صلوة هِيَ احب اليهم من الْأَوْلَاد فَأخْبر جبرئيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَذكر ذَلِك لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى صَلَاة الْخَوْف.
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي عَيَّاش الرزقي قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعسفان وعَلى الْمُشْركين خَالِد بن الْوَلِيد فصلينا الظّهْر فَقَالَ الْمُشْركُونَ لقد كَانُوا على حَال لَو اردنا لأصبنا غرَّة فأنزلت آيَة الْقصر بَين الظّهْر وَالْعصر.
ذكر الْوَاقِدِيّ باسناده عَن خَالِد بن الْوَلِيد فِي قصَّة إِسْلَامه قَالَ فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحُدَيْبِيَة خرجت فِي خيل الْمُشْركين فتلقيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَصْحَابه بعسفان فَقُمْت بإزائه وتعرضت لَهُ فصلى بِأَصْحَابِهِ الظّهْر أمامنا فهممنا أَن نغير عَلَيْهِ ثمَّ لم يعزم لنا فَأطلع على مَا فِي أَنْفُسنَا من الْهم بِهِ فصلى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْعَصْر صَلَاة الْخَوْف.
وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ سرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع حَتَّى نزلنَا وَاديا افيح فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْضِي حَاجته واتبعته بأداوة من مَاء فَنظر فَلم ير شَيْئا يسْتَتر بِهِ وَإِذا شجرتان بشاطىء الْوَادي فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى احدهما فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا وَقَالَ إنقادي بِإِذن الله فانقادت مَعَه كالبعير المخشوش الَّذِي يصانع قائده حَتَّى اتى الشَّجَرَة الْأُخْرَى فَأخذ بعصن من أَغْصَانهَا فَقَالَ انقادي عَليّ بِإِذن الله فالتأمتا قَالَ جَابر فَجَلَست أحدث نَفسِي فحانت مني لفتة فَإِذا انا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقبل وَإِذا الشجرتان قد افترقتا فَقَامَتْ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا على سَاق فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف وَقْفَة فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا يَمِينا وَشمَالًا ثمَّ اقبل فَلَمَّا انْتهى إِلَيّ قَالَ «يَا جَابر هَل رَأَيْت مقَامي» قلت نعم يَا رَسُول الله قَالَ «فَانْطَلق إِلَى الشجرتين فأقطع من كل وَاحِدَة مِنْهَا غصنا فَأقبل بهما حَتَّى إِذا قُمْت مقَامي فَأرْسل غصنا عَن يَمِينك وغصنا عَن يسارك» قَالَ جَابر فَقُمْت فَأخذت حجرا فَكَسرته وحسرته فانذلق لي فَأتيت الشجرتين فَقطعت من كل وَاحِدَة مِنْهَا غصنا ثمَّ أَقبلت أجرهما حَتَّى إِذا قُمْت مقَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْسلت غصنا عَن يَمِيني وغصنا عَن يساري ثمَّ لحقت فَقلت قد فعلت يَا رَسُول الله فَعم ذَلِك قَالَ اني مَرَرْت بقبرين يعذبان فَأَحْبَبْت بشفاعتي ان يرفه عَنْهُمَا مَا دَامَ الغصنان رطبين فأتينا الْعَسْكَر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «يَا جَابر نَاد بِوضُوء» فَقلت لَا وضوء إِلَّا وضوء قلت يَا رَسُول الله مَا وجدت فِي الركب من قَطْرَة وَكَانَ رجل من الْأَنْصَار يبرد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَاء فَقَالَ لي «انْطلق إِلَى فلَان الْأنْصَارِيّ فَانْظُر فِي هَل أشجابه من شَيْء» فَانْطَلَقت اليه فَنَظَرت فِيهَا فَلم اجد فِيهَا إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجب مِنْهَا لَو أَنِّي أفرغه لشربه يابسه فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته قَالَ «اذْهَبْ فأتني بِهِ» فَأَتَيْته بِهِ فَأَخذه بِيَدِهِ فَجعل يتَكَلَّم بِشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ ويغمزه بِيَدِهِ ثمَّ اعطانيه فَقَالَ «يَا جَابر نَاد بِجَفْنَة» فَقلت يَا جَفْنَة الركب فَأتيت بهَا تحمل فَوضعت بَين يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ هَكَذَا فبسطها فِي الْجَفْنَة وَفرق بَين أَصَابِعه ثمَّ وَضعهَا فِي قَعْر الْجَفْنَة وَقَالَ «خُذ يَا جَابر فصب عَليّ وَقل بِسم الله» فَصَبَبْت عَلَيْهِ وَقلت بِسم الله فَرَأَيْت المَاء يفور من بَين اصابعه ففارت الْجَفْنَة ودارت حَتَّى امْتَلَأت فَقَالَ «يَا جَابر نَاد من كَانَت لَهُ حَاجَة بِمَاء» فَأتى النَّاس فاستقوا حَتَّى رووا وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده من الْجَفْنَة وَهِي ملأى وشكا النَّاس إِلَى رَسُول الله الْجُوع فَقَالَ «عَسى الله ان يطعمكم» فأتينا سيف الْبَحْر فَألْقى دَابَّة فأورينا على شقها النَّار فشوينا وطبخنا وأكلنا وشبعنا قَالَ جَابر فَدخلت انا وَفُلَان وَفُلَان حَتَّى عد خَمْسَة فِي حجاج عينهَا مَا يَرَانَا اُحْدُ حَتَّى خرجنَا وأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه ثمَّ دَعونَا بأعظم رجل فِي الركب وَأعظم جمل فِي الركب فَدخل تَحْتَهُ مَا يطاطئ رَأسه.
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم عَن جَابر قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة ذَات الرّقاع حَتَّى إِذا كُنَّا بحرة واقم عرضت إمرأة بدوية بِابْن لَهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله هَذَا ابْني قد غلبني عَلَيْهِ الشَّيْطَان فَفتح فَاه فبزق فِيهِ وَقَالَ «اخس عَدو الله أَنا رَسُول الله ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ شَأْنك بابنك لن يعود إِلَيْهِ شَيْء مِمَّا كَانَ يُصِيبهُ» فَلَمَّا رَجعْنَا جَاءَت الْمَرْأَة فَسَأَلَهَا عَن ابْنهَا فَقَالَت مَا أَصَابَهُ شَيْء مِمَّا كَانَ يُصِيبهُ.
ثمَّ ذكر قصَّة الشجرتين وقصة غورث بن الْحَارِث قَالَ فِيهَا فارتعدت يَده حَتَّى سقط السَّيْف من يَده قَالَ ثمَّ رَجعْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا بمهبط الْحرَّة أقبل حمل يرقل فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا الْجمل هَذَا جمل يستعديني على سَيّده يزْعم انه كَانَ يحرث عَلَيْهِ مُنْذُ سنتَيْن وَأَنه اراد ان ينحره إذهب يَا جَابر إِلَى صَاحبه فأت بِهِ فَقلت لَا أعرفهُ قَالَ إِنَّه سيدلك عَلَيْهِ فَخرج بَين يَدي معنقا حَتَّى وقف بِي على صَاحبه فَجئْت بِهِ قَالَ وَكَانَت غَزْوَة ذَات الرّقاع تسمى غَزْوَة الْأَعَاجِيب.
وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فَأَبْطَأَ جملي وأعياني فَأتي عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ «مَا شَأْنك» قلت أَبْطَأَ جملي وأعياني وتخلف فحجنه بمحجنة ثمَّ قَالَ «اركب» فركبت فَلَقَد رَأَيْتنِي اكفه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرج ابو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة بني ثَعْلَبَة وَخرجت على نَاضِح لي فَأَبْطَأَ عَليّ حَتَّى ذهب النَّاس فَجعلت أرقبه ويهمني شَأْنه فاذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر النَّاس فَقَالَ «مَا شَأْنك» قلت أَبْطَأَ عَليّ جملي قَالَ «اذْهَبْ معي» فَكَأَنَّهُ نفث فِيهَا ثمَّ مج من المَاء فِي نَحره ثمَّ ضربه بالعصا فَوَثَبَ فَقَالَ «اركب» قلت إِنِّي ارضى ان يساق مَعنا قَالَ «اركب» فركبت فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لقد رَأَيْتنِي واني اكفه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارادة ان لَا يسْبقهُ.
واخرج أَبُو نعيم من وَجه آخر عَن جَابر نَحوه وَزَاد ثمَّ قَالَ «اركب بِسم الله» فَمَا ركبت دَابَّة قبله وَلَا بعده اوسع وَلَا أوطأ مِنْهُ ان كَانَ لينطلق بِي فأكفه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيَاء مِنْهُ.
وَأخرج احْمَد عَن جَابر قَالَ فقدت جملي فِي لَيْلَة ظلماء فمررت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ «مَا لَك» قلت فقدت جملي قَالَ« ذَاك جملك إذهب فَخذه» فَذَهَبت نَحْو مَا قَالَ فَلم أَجِدهُ فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقَالَ مثل ذَلِك فَذَهَبت فَلم أَجِدهُ فَرَجَعت إِلَيْهِ فَانْطَلق معي حَتَّى اتينا الْجمل فَدفعهُ إِلَيّ فَبينا انا اسير وَكَانَ جمل فِيهِ قطاف قلت لهف امي ان يكون لي إِلَّا جمل قطوف فلحق بِي فَقَالَ مَا قلت فَأَخْبَرته فَضرب عجز الْجمل بِسَوْط فَانْطَلق أوضع جمل ركبته وَهُوَ يُنَازعنِي خطامه.
واخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ لما أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة ذَات الرّقاع جَاءَ علبة بن زيد الْحَارِثِيّ بِثَلَاث بيضات اداحي فَقَالَ يَا رَسُول الله وجدت هَذِه البيضات فِي مفحص نعام فَقَالَ «دُونك يَا جَابر فاعمل هَذِه البيضات» فعملتهن ثمَّ جئن بِهن فِي قَصْعَة فَجعلت أطلب خبْزًا فَلَا اجده فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يَأْكُلُون من ذَلِك الْبيض بِغَيْر خبز حَتَّى انْتهى إِلَى حَاجته وَالْبيض فِي الْقَصعَة كَمَا هُوَ ثمَّ قَامَ فَأكل مِنْهُ عَامَّة اصحابه ثمَّ رحلنا مبردين.