قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: …
وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَيْهِمْ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ رَكِبُوا إلَيْهِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ هَابَهُمْ، فَرَجَعَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ هَمُّوا بِقَتْلِهِ، وَمَنَعُوهُ مَا قبلهم من صدقتهم، فَأَكْثَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي ذِكْرِ غَزْوِهِمْ، حَتَّى هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَغْزُوَهُمْ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ قَدِمَ وَفْدُهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْنَا بِرَسُولِكَ حِينَ بَعَثْتَهُ إلَيْنَا، فَخَرَجْنَا إلَيْهِ لِنُكْرِمَهُ، وَنُؤَدِّيَ إلَيْهِ مَا قِبَلَنَا مِنْ الصَّدَقَةِ، فَانْشَمَرَ رَاجِعًا، فَبَلَغْنَا أَنَّهُ زَعَمَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّا خَرَجْنَا إِلَيْهِ لنقتله، وو الله مَا جِئْنَا لِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَفِيهِمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ، فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ نادِمِينَ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 6- 7] … إلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وَقَدْ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ، كَمَا حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَتَّى إذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ مَعَهُ عَائِشَةُ فِي سَفَرِهِ ذَلِكَ، قَالَ فِيهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا.