وفي ليلته أمسى النبي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم بمنطقة العرَجْ، وقد توقفوا بها للاستراحة واستبدال إحدى رواحلهم التي تعبت منهم في الطريق والتزوّد بالمؤن.
وكان النَبّي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم أراد اختصار الطر يق إلى المدينة من طر يق مغاير لطر يق القوافل، فقال له رجل اسمه سعد: هذا طر يق ثنَيَِةّ الغاَئرِ من عند ركَُوبةَ لكن به لصَِّان من قبيلة أسلم اسمهما “المهَُاناَن”، فإن شئت أخذنا هذا الطر يق؟!، فقال له النبّي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم: “خذ بنا على هذا الطريق!”.
فسار الركب النبوي الشريف وقد انضم إليهم مسعود بن هنيدة ليرجع بالجمل الذي مع النبي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم بعد أن يوصّله المدينة المنورة، وسعد الدليل الذي قابلهم في العرَجْ ودلهم على الطريق المختصر الذي يبدأ من منطقة ركَُوبةَ، فساروا حوالي 20 كم من العرَجْ في 4 ساعات تقريباً حتى وصلوا عند ركوبة وقت صلاة الصبح تقريباً فصلوا بها أو قريباً منها، ثم ساروا حوالي 8 كم في ساعة ونصف تقريباً حتى وصلوا عند ثنيَةّ الغاَئرِ وهي ممر جبلي ضيقِّ، فإذا اللصِّان يقفان عند ذلك الممر الجبلي يعترضان طر يقهم، فقال أحدهما للآخر: “هذا اليماني” -لعلهّما قصدا سعدًا الدليل لسابق معرفتهم به، واللهّٰ أعلم-، فناداهم النبّي صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم وعرض عليهم الإسلام، فأسلما!، ثم سألهما: “ما اسمكما؟”، قالا: “المهَُاناَن”، فقال لهما صلى اللهّٰ عليه وآله وسلم: “بل أنتما المكُْرمََان!”، وأمرهما أن يقدما عليه المدينة المنوَّرة، ودخل عليهم الليل عند ثنيَةّ الغائر فاستراح الركب قريباً منها أوّل الليل قبل إكمال المسير.
ثم أكمل الركب المسير حوالي 7.5 كم إلى بداية وادي ريم في ساعة ونصف تقريباً، ثم قطعوا الجزء الأكبر من الوادي حوالي 20 كم في أربع ساعات تقريباً، فأدركهم غروب الشمس فوقفوا لاستراحة أوّل الليل بالوادي.